تُمثِّل ضريبة التصرفات
العقارية أحد الأدوات المالية الهامة لتنظيم سوق العقار، وزيادة إيرادات الدولة في
المملكة العربية السعودية، وقد صدرت اللائحة التنفيذية لنظام ضريبة التصرفات
العقارية بموجبِ قرار مجلس إدارة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك برقم (01-03-25)،
وتاريخ 24/9/1446 هـ، بهدفِ توضيح الإجراءات والضوابط الخاصَّة بتطبيق النظام، وتهدُف
هذه اللائحة إلى تحقيق الشفافية، ومنع التهرُّب الضريبي، وضمان العدالة في معاملات
التصرفات العقارية، وإليكُم أبرز التفاصيل والأحكام التي تناولتْهَا
اللائحة:
المحور الأول: التعريفات:
تضمَّنَت اللائحة عددًا من
التعريفات التي تُعدُّ الأساس لفهم نظام ضريبة التصرفات العقارية، ومن أهمها:
العقار: كلُّ منقول
يضعه مالكه في عقارٍ رصدًا على خدمة العقار، أو استغلاله على سبيل الدوام، ولو لم
يكُن متصلًا به اتصال قرار.
الضريبة المستحقة: مبلغ الضريبة
التي يجب سدادها حسب النظام واللائحة.
الأوراق المالية: يكون لها
المعنى المحدد وفقًا لنظامِ السوق المالية، والتي لها خصائص حقوق الملكية أو
المساهمة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الأسهم ووحدات الصناديق.
الحِصص: ويقصد بها
حقوق الملكية أو المساهمة في الممتلكات أو في شخص اعتباري أو أي نوع من أنواع
الشراكة.
الاستحواذ: ويقصد به
العملية التي تتم عن طريق مبادلة حصص -بما في ذلك الأوراق المالية- وينتج عنها
الاستحواذ على كامل حصص شركة عقارية، شريطة أن يكُون كل من المتصرِّف والمُتصرّف
له أشخاصًا اعتباريين.
المحور الثاني: فرض
الضريبة:
أوَضحَت المادة (الثانية)
مجال تطبيق فرض الضريبة، وبيّنَت النسبة المفروضة على كل تصرُّف عقارِي؛ وَفق
الاتي:
تُفرَض ضريبة بنسبة (5%)
على كل تصرُّف عقاري، أيًّا كانت حالة أو نوع أو استخدام العقار في وقت التصرُّف،
سواء كان كاملًا أو جزءًا منه، أو كان مفرزًا أم مشاعًا، كما تشمَل الضريبة
العقارات المنجزة، أو التي لا تزالُ قيد الإنشاء، أو حتَّى على الخارطة، ولا يُشترَط
توثيقها لتحصيل الضريبة، وتُحتسب القيمة الإجمالية للعقار بناءً على المقابل
المالي المتفق عليه، سواء نقدي أو عيني، بشرط أن يكون ضمن القيمة السوقية العادلة عند
التقييم.
· تُحتسَب القيمة
الإجمالية للتصرف العقاري بناءً على أي مقابل يتم الاتفاق عليه بين الأطراف، سواء
كان نقدًا أو عينًا، على أن تكون هذه القيمة ضمن حدود القيمة السوقية العادلة، مع
الأخذ في الاعتبار الحالات الخاصة التي قد يتم تحديدها لاحقًا.
· وتُعدُّ من ضمن هذه
القيمة الإجمالية: التراخيص، والحقوق العينية الأصلية أو التبعية، وأي حقوق أخرى
وثيقة الصلة بالعقار.
· وفي
حال
كانت التصرفات العقارية تؤدي إلى نقل حصص في شركات عقارية، يتم احتساب الضريبة
بناءً على القيمة السوقية العادلة لجميع العقارات المملوكة بشكل مباشر أو غير
مباشر لتلكَ الشركة في تاريخ التصرف، أو على القيمة المتفق عليها بين الطرفين،
أيّهما أعلى.
· وإذا تضمّن التصرُّف
منح حق انتفاع بالعقار لمدة تزيد على خمسين (50) سنة، وتُحتسب الضريبة على القيمة
الحالية لذلك الحق بناءً على القيمة السوقية العادلة أو إجمالي المقابل المتفق
عليه، أيّهما أعلى.
· ينشأ التصرف
العقاري عند تصرّف شخص -أو مجموعة- بحصة إجمالية بنسبة (30%) من حصص شركة عقارية،
من خلال التصرفات المرتبطة، خلال ثلاث سنوات تبدأ من بلوغ النسبة التي يحتفظ بها الشخص
(30%) من حصص الشركة العقارية، ولا تُعدُّ التصرفات التي لا تتحقق فيها تلكَ
الشروط تصرفًا عقاريًّا.
· يخضع التصرُّف
العقاري للضريبة مرة واحدة فقط، وذلك متَى مَا تحققت وحدة أطراف التصرُّف والعقار والقيمة.
ورد النص على تلك
الإعفاءات في المادة(الثالثة) من اللائحة وسيتم تقسيمها الى ثلاث فقرات؛ كالتالي:
أولًا: حالات الإعفاء من
ضريبة التصرفات العقارية؛ وأبرزها:
تشمَل حالات
الإعفَاء تلكَ الحالات التي يتم فيها تقسيم التركات وفقًا للأنظمة، والتصرُّفات
التي تتم دون مقابل، سواء كانت نقدية أو عينية، لصالح وقف عام أو خاص أو مشترك،
بشرط تسجيل الوقف رسميًّا، وخضوعه لإشراف الجهات المختصَّة، كما يشمَل
الإعفاء التصرُّفات لصالح الجمعيات الخيرية المرخصَة نظامًا، والتي تهدُف إلى
تحقيق المصلحة العامة، وتَم تصنيفها ضمن مؤسسات النفع العام، ويشمَل التصرُّفات
بين الزوجين أو الأقارب حتَّى الدرجة الثالثة، بشرط أن تتم على سبيل الهبة
الموثقة، دون إعادة التصرف بالعقار خلال (3) ثلاث سنوات لِمَن
لا تنطبق عليه شروط الإعفاء، ويشمل الإعفاء التصرفات العقارية تنفيذًا
لوصية شرعية موثقة، والاكتتاب في الأوراق المالية المطروحة طرحًا عامًا أو تداولها
في السوق المالية، وكذلك شراء الشركة لأسهمها المدرجة وفقًا للأنظمة، ويشمل
الإعفاء أيضًا التصرفات بين الصندوق وأمين الحفظ، أو تقديم حصة عينية في رأس مال
شركة أو صندوق استثماري، بشرط عدم التصرف في الحصة لمدة (5) خمس سنوات، ويشمَل
التصرفات التي تكون فيها الجهات الأجنبية أو البعثات الدبلوماسية أحد الأطراف، مع
شرط المعاملة بالمثل.
ثانيًا: ضوابط تطبيق الإعفاء، ومِن أهمها:
· يجب
تسجيل كافة التصرُّفات العقارية المعفاة؛ وَفق الضوابط والإجراءات المحددة.
· في
حالِ اختلال أحد شروط الإعفاء في وقتٍ لاحقٍ؛ تُستحق الضريبة بأثر رجعي من تاريخ
التصرُّف.
· لا
يُعد
الإخلال بشروط الإعفاء واقعًا في حالات معينة، مثل تغيير نسب الملكية نتيجة
الاكتتاب العام، أو التصرفات العقارية المعفاة تنفيذاً لأمر قضائي بالبيع الجبري،
أو التصرفات الناتجة عن اندماج أو استحواذ.
· تلتزم الهيئة بإعادة
احتساب الضريبة إذا تبيَّنَ أنَّ الإعفاء لم يعُد ساريًا بسبب التغيير في ظروف
الملكية أو عدم التقيّد بفترة التملك الإلزامية.
ثالثًا: إعفاءات إضافية، وشروطها الخاصَّة:
تشمَل المادة الثالثة أيضًا حالات
إضافية يُمنح فيها الإعفاء بشرط التزام صارم بالشروط، فالمطور العقاري المرخّص
يُعفَى من الضريبة عند التصرف في العقارات ضمن مشاريع البيع على الخارطة، بشرط
وجود ترخيص من الجهة المختصة بتاريخ التصرف أو خلال (90) تسعون يومًا منه، مع
تقديم ضمان يعادل قيمة الضريبة، كما يُعفى التصرف العقاري لصالح شركة أو صندوق
استثماري مملوك بالكامل لوقف عام أو خاص بشرط الحفاظ على نسبة الملكية وعدم
تغييرها لمدة لا تقل عن (5) خمس سنوات، مع بعض الإعفاءات الخاصَّة الأخرى.
أوضَحَت المواد (4-5)
استحقاق الضريبة وتاريخ سدادها؛ حيث أوضحتَا أنَّ لحظة استحقاق ضريبة التصرف
العقاري تُحدَّد بناءً على طبيعة التصرف؛ فإذا تَم نقل الحيازة أو الانتفاع أو
الحصة في شركة عقارية، يكون التاريخ المعتمد هو تاريخ النقل الفعلي أو إبرام
الاتفاق غير المشروط، أمَّا في المشاريع طويلة الأجل كالبناء والتشغيل والتحويل،
فيكون التاريخ هو لحظة انتقال الملكية فعليًّا، كما أنَّ الضريبة تُسدَّد الضريبة
خلال (30) ثلاثون يومًا من تاريخ التصرف أو من تاريخ الإخلال بشروط الإعفاء إن وُجِد،
ويجوز التأجيل في بعض الحالات مثل التصرف في حصص شركات عقارية، أو إذا تبيَّنَ
لاحقًا أن التصرف لم يكن معفى كما كان متوقعًا في حالات بيع العقار على الخارطة، وتُدفع
الضريبة في يوم التوثيق أو قبله لدى كاتب العدل أو الموثق المعتمد، وإذا ثبت
للهيئة وجود تأخير في الدفع بهدف التهرب، فإنَّها تملك الحق في المطالبة بالمبلغ
فورًا خلال (30) ثلاثون يومًا.
أوضَحَت المواد (6-7)
أنَّ التصرفات العقارية تعتبر صورية أو مستترة إذا اتفق الأطراف على تقديم مستندات
ظاهرية تُخفي طبيعة التصرف الحقيقي بهدف تقليل الضريبة أو التهرب منها، أو عند
تنفيذ ترتيبات لا تعكس الواقع الفعلي للملكية أو المقابل، وفي هذه الحالات تحتسب
الهيئة الضريبة على أساس التصرف الحقيقي لا الظاهري.
أمَّا فيما يخص سداد
الضريبة، فإنَّ المتصرِّف هو المسؤول الأول عن دفع الضريبة المستحقة للهيئة خلال
المدة النظامية، ويجب أن يتم السداد إلى الحساب البنكي الرسمي مع الإشارة لرقم
المعاملة، وإذا ثبتَ أنَّ المتصرف له ساهم أو تسبّب في عدم دفع الضريبة أو تقليلها
أو تأخيرها، فإنَّه يكون مسؤولًا بالتضامن مع المتصرف عن السداد.
وتقُوم الهيئة بإشعار
الطرفين بمبلغ الضريبة وتاريخ استحقاقها، وفي حال سداد المتصرف له بدلًا عن
المتصرف، يجب عليه إخطار الهيئة بذلك رسميًا.
وضَعَت المواد (8-9) الآلية
المتّبَعة في احتساب الضريبة، وكيفية استردادها، وهي على النحوِ التالي:
· إعادة
احتساب الضريبة: تملك الهيئة صلاحية التحقُّق من قيمة التصرف
العقاري في حالات معينة مثل: وجود علاقة بين الأطراف، أو وجود مقابل غير نقدي، أو
عدم وضوح القيمة، أو عدم الإفصاح عن التصرف، وإذا وجدت الهيئة أنَّ القيمة المعلنة
أقل من القيمة السوقية العادلة؛ فيجوز لها إعادة التقييم؛ وَفق مؤشرات معتمدة، أو
عبر مثمنين عقاريين مرخصين، كما يجوز للمتصرِّف أو المُتصرّف لهُ تقديم تقييم من
جهة معتمدة، ويجب على الهيئة المطالبة بالضريبة المستحقة خلال 3 سنوات من التصرف
المعلن، أو من تاريخ علمها بالتصرف غير المعلن، مع احتفاظها بالمطالبة لاحقًا في
حالات الإعفاء المخالف، ويُعتبر مبلغ الضريبة نهائيًا إذا انتهت مدة الاعتراض دون
تقديم اعتراض، أو صدر قرار نهائي من اللجنة المختصة.
· استرداد
الضريبة: يجوز للمتصرف أو من ينوب عنه المطالبة باسترداد الضريبة
المدفوعة في حالات مثل: السداد الزائد، أو السداد بالخطأ، أو إذا تَمَّ إلغاء
التصرُّف العقاري، أو إذا لم يكتمل هذا التصرُّف، ويشترط لإعادة المبلغ أن يتم رد
كامل المقابل، واستيفاء الشروط النظامية، وإعادة نقل ملكية العقار للمتصرِّف،
وللهيئةِ الحقَّ في طلب مستندات إضافية للتحقق من صحة طلب الاسترداد، ويمكن لها
قبوله جزئيًا، كما يجوز لها خصم مبلغ الاسترداد أو احتجازه في حالِ وجود مستحقات
أخرى غير مسدَّدَة على المتصرِّف.
أقرَّت المادة (العاشرة) ضرورة أن تلتزم الهيئة بالحفاظ على
سرية المعلومات التي تحصل عليها من المتعاملين، ولا يجوز لموظفيها أو من يمثلها
الإفصاح عنها إلَّا في حالات محددة، مثل تنفيذ أمر قضائي، أو ضمن نطاق صلاحياتهم
الرسمية، أو تبادل معلومات مع جهات حكومية أو دولية وفق اتفاقيات، ويجوز الإفصاح
أيضًا إذا وافق الشخص المعني كتابيًّا، ويُشترط أن يكون الإفصاح وفق تعليمات رسمية
صادرة عن الهيئة، وكل من يخل بهذه السرية يعرِّض نفسه للمساءلة والعقوبات، مع
التزامٍ تامٍ بالحفاظ على سرية بيانات المتعاملين في كل الأحوال.
جاء النص على هذه الضوابط تفصيلًا في المادة (الحادية عشر) من اللائحة،
حيثُ تنظِّم
هذه المادة كافة الإجراءات اللازمة لتسجيل التصرفات العقارية لدَى الهيئة، سواء
كانت خاضعة للضريبة أو معفاة منها، من خلال بوابة إلكترونية تشمل بيانات الأطراف،
والعقار، وقيمته، ويُعدُّ التسجيل بمثابة إقرار من المتصرِّف بصحة البيانات، كما يجب
التسجيل في تاريخ التصرف أو قبله، ويتم إصدار إشعار من الهيئة في حال السداد أو
استحقاق الإعفاء، كما تنظِّم المادة آلية تصحيح البيانات خلال (30 ) يومًا من
العلم بالخطأ أو فقدان شرط الإعفاء، وتُحتسَب الضريبة الإضافية الناتجة عن التصحيح
من تاريخ الاستحقاق، ويجوز استرداد الفرق إن وُجِد.
أورَدَت المادة (الثانية
عشرة) النص على ضرورة إصدار هذه الأدلة؛ حيثُ تقوم هيئة الزكاة والضريبة
والجمارك بإصدار أدلة إرشادية، ونشرات ضريبية توضيحية؛ لتيسير فهم أحكام النظام
واللائحة التنفيذية، وتهدُف هذه الأدلة إلى توضيح آليات تطبيق الضريبة، وتفصِيل الإجراءات
المطلوبة من قِبَل المتعاملين، مع تقديم أمثلة تطبيقية لتفسير الحالات المختلفة، وتعتبر
هذه الأدلة والنشرات مرجعًا توعويًا، ولا تُعد ملزمة قانونيًّا لأيِّ طرف، إلَّا
إذا نُصَّ فيها على ذلك صراحةً، ويجوز تحديثها أو تعديلها من قِبَل الهيئة، وذلك
بما يتناسب مع التغيرات التنظيمية أو الاقتصادية، على أن تنشر الهيئة هذه المواد عبر قنواتها
الرسمية، وتحرص على سهولة الوصول إليها من قِبَل الأفراد والمنشآت، وتُشجع الهيئة
المتعاملين على الرجوع إليها؛ وذلك لتفادِي الوقوع في المخالفات.
أوضَحَت المادة (الثالثة
عشرة) إجراءات الاعتراض والتظلُّم، وأحالَت إلى الأحكام الواردة في قواعد عمل
اللجان الزكوية والضريبية والجمركية، وأي قواعد لاحقة تنطبق على تلكَ اللجان، كما
منَحَت المادة حق الهيئة في طلب ضمان نقدي أو بنكي بقيمة مبلغ الضريبة كحد أقصى في
حالِ رأَت الهيئة أنَّ المتصرِّف قد لا يُسدِّد ضريبة التصرف.
لقد قرّرت المادة (الخامسة عشر) أن هذه اللائحة تُنشَر في الجريدة الرسمية، على أن يُعمَل بها من تاريخِ نفاذ النظام.
تناولَت اللائحة
التنفيذية لنظام ضريبة التصرفات العقارية بالتفصيل جميع الجوانب المتعلقة بفرض
الضريبة، وآليات التسجيل، والإعفاءات، والمخالفات، وأدلة التطبيق. وقد هدفَت إلى
تنظيم السوق العقاري، وتحقيق الشفافية والعدالة في التعاملات. وفَرت الهيئة نماذج
رسمية وأدلة إرشادية لتسهيل الامتثال، وضمنت للمكلفين حقوقهم في التظلم
والاسترداد. ويُعدُّ الالتزام بأحكام النظام واللائحة أداة فعّالة لتعزيز الثقة
بين الجهات الحكومية والمجتمع العقاري، وختامًا؛ فإنَّ فهم هذه المواد يُمثِّل
خطوة أساسية نحو تعاملات عقارية قانونية وآمنة.
9 Ways to Build Strong Client Relationship